lundi 15 octobre 2018

**نجود**قصة بقلم الياس رويني// مجلة مقهى الادب

__________
رايتها في يوم من الايام الممطرة في حال متعبة و كانها تجر أذيال الخيبة,في أحد شوارع باريس الراقية,
كل من رآها يستغرب منها كأنها سكرانة او ثكلانة ,لكن ليس ذاك هو المغزى...الحياة حملتها بالأرزاء حتى قرب ان يقصم عنها ظهرها,
لكن أتعبتها السنين وتراقصت أخيلة تحت عينها باللون الداكن...
توالت عليها سنين كدهور وهي في معركة الحياة, متواصلة أبدا دون انتصار و استحالة الهزيمة...
ليس ذلك هو تعامل الانثي من بشر , و كيف علم لي بها,اني أعرف الأنثى و احس بها احساسا طاغيا و أفتح كل مخبآت معاليق صدرها.....
وفي تلك الليلة لم يغمض لي جفن الى ان رايتها بعد يوم و تلك الأرزاء لا تبارحها..
ثم جلست في أحد المقاهي و هي معتنقة ذاك المعطف الاسود ذو الفراء الناعم
أخذت ترتشف قهوتها الصباحية و انا اراقبها عن بعد من ناصية الطريق الذي تكسوه رطوبة الصباح و أنا أتسأل من هي و ما هي قصتها....
ثم دلفت للمقهى و كلي أمل بأن اكلمها ..رأيت كيف تأخذ فنجانها بكل هدوء و العزيمة تملأ محياها و تقترب القهوة الى شفتاها الورديتان
و في تلك الحين اقتربت منها وبكل حياء طلبت الجلوس الى طاولتها.... فأعتذرت على انها تفضل الوحدة و لأنني خبير في هذه الحكايات اعتذرت بدوري و أدرت لها ضهري بروية و أدب..فنادتني بصوت رخيم جوهري لولا أعصابي لذبت امامها...
جلست أمامها و نظرت الى عينيها المنيرتين, وسمعت نغمة صوتها الرخيم,قلت في ذاتي :أتقدر هذه المرأة ان تكون شريرة..؟؟و هل بامكان هذا الوجه الشفاف أن يستر نفسا شنيعة,أم أن القمر الذي يسكب في قرائح الشعراء شعاعا, هوالقمر الذي يهيج سكينة البحار بالمد و الجزر؟؟؟...!!!
و بطريقة ما كأنها سمعت كلامي الباطني ثم قالت لي موجهة كلامها كأنها تستذكر ماض ما:
انا استثنائية وبكل ما تحمله هذه العبارة من معاني ليس غرورا
و اخترت بمحض ارادتي الابتعاد عن دوامتي ...واخترت الصمت بعيدا عن حياتي
هناك الكثيرمن اعتبرو صمتي هو جهلي بما يدور حولي,و لكن اتعبتني الأيام وملاحقة الماضي لي
لانني لا اجد من يفهمني وعالمي و يكون لي خير رفيق أنيس و حدتي..نعم سيدي انا وحيدة في هذه البلاد الغريبة....
لم ألتق بك قبل الآن أيها الرجل لكني سمعت صدى أفكارك من أفواه الناس,فعرفتك شفوقا على المرأة المظلومة,و رؤوفا بضعفها,خبيرا بعواطفها و ميولها..و من أجل ذالك أريد أن أفتح لك صدري و ابسط لك قلبي لترى مخبآتي و تخبر الناس ان شئت أن اماني لم تكن قط امرأة شريرة و خائنة..!!
بدأت تحكي السيدة أماني قصتها ,وهي تضع الساق فوق الأخرى و تسمح لثوبها القصير أن ينحسر عنها أكثر و أكثر..
رحلت في يوما من الايام عن بلادي و مسقط راسي لعلي أصنع لنفسي حياة جديرة بالعيش لكن يمر عليا كل يوم الا و تزداد المرارة كمن تجرع علقما، ابكي فالليل لساعات كبكاء ضامىء رأى الينبوع العذب محاطا بكواسر الغاب فارتمى على الأرض مترقبا جزعا....سألتها و ما هو ملخص القصة لماذا كل هذا البكاء و الحزن
استطردت قائلة و البسمة لا تفارق محياها:لقد انفصلت عن زوجي و حضانة ثلاثة اطفال عنده
أسوء ما في حياتي ليس البعد انما زوجي ليس مهتما بهم البتة.....نظرت للسيدة أماني و عينايا تغرورقها دموع
سألتني عن السبب و قالت:
هل فصل الموت بينك و بين صديق عزيز, أم سلبتك الليالي السوداء مال جمعته في الليالي البيضاء..!!
اندفعت بحب المعرفة و الفضول و تقديم يد العون, قل لي بحق الصداقة ما هذه الكآبة التي عانقت نفسك فجأة
فنظرت اليها نظرة متأسف, أرتني الذكرى رسوم أيام جميلة سرعان ما حجبتها, وبصوت تتموج في مقاطعه معاني اليأس والقنوط,ثم قلت بصعوبة :
اذا فقد المرء شخص عزيز و التف حوله يجد أصدقاء كثيرين فيتصبر ويتعزى.. تابعت بعد ما تنهد:
و اذا خسر مالا و فكر في النشاط الذي أتى بالمال سيأتي بمثله فينسى و يسلو, سكتت قليلا و تابعت :
لكن اذا أضاع الرجل راحة قلبه فأين يجدها؟؟ وفي تلك الحال بما يستعيض عنها ؟؟
قلت كالمستدل لصلب الموضوع بمثال:
اذا كان نصيبك من الحياة طائر تحبه و تطعمه حبات قلبك و تسقيه نور أحداقك و تجعل له ضلوعك قفصا و بهجتك عشا,و بينما أنت تنظر اليه,اذ به قد فر من بين يديك وطار حتى حلق فوق السحاب,ثم هبط نحو قفص آخر و ما من سبيل يرجعه أو يردعه فماذا تفعل ازاء ذالك ايها الجميلة؟؟ قل لي أين تجد الصبر و السلوان؟ثم أعدت النظر اليها و قد تغيرت ملامحي بسرعة وتحول الغضب و الحنق في جسدي المهزول الى التوجع و الألم,و انفجرت باكيا و قائلا:
كنت متزوجا و انسانا سعيدا..أنا و زوجتي الى ان رزقنا الله بمولود جديد,زادني في المنزل فرحة و بهجة
وبعد مرور سنتين كان لي عمل هنا بفرنسا ثم توالت الاعمال في شتى البلدان و نادرا ما أرى طفلي
و في يوم من الايام بلغني على اثر حادث توفت حبيبتي و ابني أيضا توفاه الله,
و الحمد لله ها انا أعيش غربة مثلك و قررت ان ابتعد من بلادي مثلك و اعيش عزلة... و ابيت في الليل أبكي بكاء وراء بكاء الى ان انام...كنت من الأول تجدني ضعيف الجسد, مكمد اللون, تتمايل على سحنتي المنقبضة أشباح وأحزان, و تنبعث من عينيا الحزينتين نظرات موجعة تتكلم بالسكينة عن انسحاق قلبي و ظلمة صدري
وها أنا الآن.....بلد غريب عني لا اصحاب و لا عائلة ،و صحبتك هي هي الوحيدة ما املك ..
و منذ ذاك الحين لا تفارقني او أفارقها
نعيش حياتنا كأصدقاء فقط ...نجوب العالم نذهب للمساجد...و نزور الاماكن السياحة و الاثرية....
و الحمد لله على كل حال.......
,تلك هي من أسميتها نجود, تلك هي الامرأة النبيلة....

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire

**ريشة في مهب الريح**بقلم الشاعرة سوسن خيو//مجلة مقهى الادب

سأكتبك اليوم بشكل آخر  سأعيد بناء ما دمره الفراق  واكتبك بشكل يليق بحب ك حب الأساطير القديمة سأعيد تشكيل حروفي وأفصلها ثوب من كلمات غزل أض...